شآبيب أحمد خالد توفيق : دولة الأحلام العربية بين الخيال والواقع المر

رواية “شآبيب” لأحمد خالد توفيق هي من النوع اللي يخليك تسأل نفسك بعد ما تخلصها: “هو احنا ليه مش عايشين في دولة العرب الخرافية دي؟”، بس بعدين تفكر: “طب ما يمكن دي كانت هتبقى كارثة برضه؟!”.

القصة بتدور حوالين ياسر، البطل اللي بيحاول يحقق حلم مستحيل، وهو إنه يجمع كل العرب اللي متشردين في العالم في دولة واحدة، بدون انقلابات عسكرية، ولا شعارات طنّانة، ولا اجتماعات القمة اللي بتخلص على خناقات على مين ياخد آخر قطعة كنافة. لا، هو راجل عملي، وقرر يعملها بذكاء، بس هل الذكاء كفاية مع أمة عندها موهبة فطرية في تدمير أحلامها؟

بداية الرواية بتشدك بسرعة، وبتاخدك في رحلة ما بين شخصيات مختلفة، كل واحد فيهم عنده حلم أو معاناة، وكلهم بيحاولوا يلاقوا مكان ليهم في العالم. من أول اللاجئ اللي بيعاني من التمييز في أوروبا، للمفكر اللي شايف إن الحل في الهجرة الجماعية، لحد السياسيين اللي بيتاجروا بالأحلام ويبيعوها في مزاد مفتوح. أحمد خالد توفيق بيرسم صورة شديدة الواقعية، لكنها مؤلمة، لأوضاع العرب اللي عايشين في الخارج واللي عايشين جوه بلادهم بس مش حاسين إنهم فيها.

الرواية بتتكلم عن فكرة الشتات العربي، والمشاكل اللي بنواجهها في كل مكان، من العنصرية في الغرب، للاضطهاد في بلادنا نفسها. كل ده متغلف بسيناريو كأنه فيلم هوليوودي، بس من غير المبالغات اللي بتخلي البطل يطلع من تفجير وهو شعره مظبوط. الشخصيات مش مثالية، وده اللي بيخلي القارئ يحس إن القصة واقعية جدًا. ياسر مش ملاك، لكنه مش شرير برضه، عنده أخطاء وزلات، لكنه بيحاول يخلق واقع أفضل، حتى لو الأدوات المتاحة ليه مش مثالية.

واحدة من الحاجات اللي بتميز “شآبيب” هي السخرية المريرة اللي دايمًا بتلاقيها في أعمال د. أحمد خالد توفيق. مش هتقدر تقرا الرواية من غير ما تضحك، حتى لو المشهد نفسه مؤلم. عنده موهبة نادرة في إنه يخليك تشوف المأساة من زاوية مختلفة، وده اللي بيخلي الرواية مش مجرد حكاية سوداوية عن العرب ومشاكلهم، لكنها أقرب لمرآة بتعكس الواقع اللي احنا مش عايزين نشوفه.

اللغة في الرواية بتمزج بين البساطة والعمق، بأسلوب العم توفيق اللي كلنا حبناه. فيها مقاطع تخليك تضحك، وبعدها بسطرين تلاقي نفسك بتفكر في الواقع الأسود اللي احنا فيه. الشخصية الرئيسية مش بطل خارق، ومفيش عندنا “رامبو العرب” هنا، فيه شخصيات طبيعية، بتقع وبتقوم، وده اللي بيخلي الرواية قريبة للقلب.

بعض الناس شافوا إن الرواية سوداوية شوية، وإنها مش بتقدم حل واضح، لكن الحقيقة إن دي كانت دايمًا مشكلة أحمد خالد توفيق معاه، إنه مش بيحاول يبيع أوهام، هو بس بيحط إيده على المشكلة ويخليك تفكر فيها، وده في حد ذاته قيمة كبيرة.

الخلاصة؟ “شآبيب” مش رواية خفيفة تتقري على البحر وأنت بتشرب عصير مانجو، هي رواية فيها فكرة، فيها حلم، فيها سخرية مرة من الواقع اللي عايشينه. فلو انت من عشاق أحمد خالد توفيق، أو حتى حد زهقان من الروايات اللي بتوعدك بجنة وهمية، دي تجربة تستحق وقتك. هي رحلة داخل عقولنا، داخل مشاكلنا، وداخل أحلام ممكن تكون مستحيلة، لكن مين عارف؟ يمكن في يوم من الأيام شآبيب تبقى حقيقة.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *